التشوهات الإدراكية – هل يخدعك دماغك؟

التشوهات المعرفية أو الإدراكية (مصطلح علم نفس) هي عادات سيئة في أنماط تفكيرنا تؤثر سلبيا على حياتنا (توليد مشاعر سلبية ، بناء قناعات سلبية عن أنفسنا والآخرين).


الأشياء التي نخبر بها أنفسنا باستمرار تساعد في تشكيل صورتنا الذاتية والطريقة التي نتفاعل بها مع العالم من حولنا.

لسوء الحظ، أفكارنا يمكن أن تصبح أوتوماتيكية لدرجة أن نعتبرها حقيقة، حتى لو لم يكن ذلك صحيحا.

“التشوهات الإدراكية” أو “التشوهات المعرفية” (رابط نحو ويكيبيديا) هي مصطلح يستعمل في علم النفس للدلالة على الأفكار التي تخطر لنا عندما يقنعنا دماغنا بشيء غير صحيح.

هذه التشوهات غالبا ما تقوي الأفكار السلبية والمشاعر، مما قد يقود للاكتئاب، القلق، والأمراض العقلية. لحسن الحظ، إذا أصبحنا واعين بتشوهاتنا الإدراكية، يمكن أن نتعلم كيف نغير أنماط تفكيرنا ونطور بذلك جودة حياتنا.

 13 شيئا تخبر بها نفسك هي في الحقيقة تشوهات إدراكية

فيما يلي 13 فكرة قد تخبر بها نفسك وهي في الحقيقة تشوهات إدراكية:

1-إذا لم تكن الأول، فأنت الأخير.

التشوه الإدراكي: قانون الكل أو اللاشيء (التفكير المستقطب)

هذه العبارة اشتهرت من خلال شخصية Ricky Bobby للممثل Will Ferrell سنة 2006 في فيلم Talladega Nights.  بعيدا عن المزاح، قناعة بأنك إن لم تربح، فأنت خاسر هي شكل من نمط تفكير الكل أو اللاشيء. يصطلح عليه أيضا أسلوب التفكير أبيض-أسود، هذا التشوه المعرفي يرى كل شيء أبيضا أو أسودا ويفشل في إدراك كل درجات الرمادي بين ذلك.

عبارة أخرى دارجة تمثل هذا النوع من التفكير الثنائي هي ” إذا لم يكن هذا حظا عاثرا، فأنا ليس لي حظ من الأصل”.

الحقيقة أن كلا منا يمر بلحظات سيئة من وقت لآخر. تنجح أحيانا. تخسر أخرى. رؤية كل شيء بطريقة واحدة من اثنتين يمكن أن يحد من تفكيرك ويقودك لمشاعر سلبية.

إعادة بناء الإدراك: لم أحصل على المركز الأول، لكن المركز الثالث جيد جدا. أنا فخور بنفسي وسأحاول بقوة في المرة القادمة.

2- لو كنت حاضرا من أجله/أجلها حينها، لما حدث هذا.

التشوه الإدراكي: الشخصنة

عندما نخبر أنفسنا بأشياء كهذه، فنحن نتحمل مسؤولية أحداث هي في الواقع خارج عن سيطرتنا. هذا النوع من التفكير المشوه يصطلح عليه بالشخصنة.

عندما يفكر شخص ما من خلال الشخصنة فإنه يأخذ كل شيء بشكل شخصي، ويرى نفسه في مركز كل موقف.

الحقيقة أنه أحيانا، تحدث أشياء محزنة للأشخاص الذين نحبهم ولا شيء فعلناه أو لم نفعله كان يمكن أن يغير ما حدث.

إعادة بناء الإدراك: أنا أتقبل أنه توجد أشياء خارج عن سيطرتي وأنه لا يوجد في استطاعتي عمل شيء لتغييرها.

3- دوما ما أفسد الأمور. لن أحقق أي شيء في حياتي.

التشوه الإدراكي: الإفراط في التعميم

في كل مرة تستخدم كلمة “دائما”، “أبدا”، “كل”،  فأنت على الأرجح تفرط في التعميم. إذا ارتكبت خطأ واحدا وقلت لنفسك فورا، “أنا دائما ما أفسد الأمور”، “لا أقوم أبدا بأي شيء بطريقة صحيحة”، أو “لن أتحسن أبدا”، فقد حان الوقت لتراقب بشكل جيد أنماط تفكيرك.

الحقيقة أنه لا يمكنك استخلاص النتائج من حدث، حدثين أو حتى 3 أحداث منفردة. فقط لأنه ارتكبت خطأ أو خطأين، لا يعني أنك فاشل.

إعادة بناء الإدراك: لقد ارتكبت بضعة أخطاء، لكنني أتعلم. هناك دوما مجال للتطور.

4- أي شيء يمكن أن يسوء سيسوء حتما

التشوه الإدراكي: العرافة (التنبؤ بالمستقبل)

كلنا سمعنا عن هذه العبارة المسماة  “Sod’s Law” (وهو مصطلح يستعمل في المملكة المتحدة يقابل “قانون مورفي” في أمريكا الشمالية، وهو مجموعة من القواعد، والتي لا ترقى إلي درجة القانون،  يغلب عليها  الطابع الكوميدي والتشاؤم الساخر). يصطلح على هذا التشوه الإدراكي بالعرافة، ويتضمن استخدامُ هذه العبارة للتنبؤ عشوائيا بنتائج سلبية في المستقبل.

في الواقع، هناك العديد من الاحتمالات للمستقبل. بعض النتائج إيجابية، وبعضها الآخر سلبي. لكن، ألا يستحسن بك أن تكون آملا ومتفائلا بالمستقبل بدل النظر إليه من زاوية متشائمة؟

إعادة بناء الإدراك: لكل صعوبة جانب مضيء. حتى لو حدث أمر غير مستحب، ستظل هناك أشياء نستفيد منها من الموقف.

5- أنا لست جيدا بما يكفي

التشوه الإدراكي: الوصم

هذا شيء قد قلناه لأنفسنا مرة أو مرتين في حياتنا. إخبار أنفسنا أننا لسنا جيدين بما يكفي يمكن أن يكسر ثقتنا بأنفسنا ويمنعنا من خوض المغامرات أو تجربة أشياء جديدة في الحياة. الوصم هو نوع قاس من الإفراط في التعميم حيث يقوم الناس بوصف أنفسهم بأشياء سلبية.

الحقيقة أنه سواء تعلق الأمر بعبارة “لست جيدا بما يكفي”، أو “أنا شخص فاشل”، كل هذه التعابير لن تجعلك تشعر بشكل أفضل عن نفسك. حاول تعويض هذه الأفكار بتوكيدات إيجابية واعمل على تحقيق توازن حيث تعترف بنقاط  قوتك أيضا.

إعادة بناء الإدراك: أنا شخص جيد.أستطيع التعاطف مع نفسي وتقبل نفسي كما أنا.

 6- كان علي … لكن …

التشوه الإدراكي: المفترضات

مثال على هذا النوع من التفكير، “كان علي ارتداء ربطة العنق السوداء في مقابلة العمل، ربما كان من الممكن أن أحصل على الوظيفة”.

إذا وجدت نفسك تستخدم عبارات “كان علي”، “كان يمكنني”، “وجب علي”، إذن فقد دخلت في تشوه إدراكي. حاول إعادة بناء الموقف لترى ماذا يمكنك تعلمه عوض التركيز على ما كان “عليك” عمله بشكل مختلف.

الحقيقة أن المفترضات لا تخدم أي هدف باستثناء توليد مشاعر سلبية كالذنب، الخزي، الغضب، أو الندم. لا يمكننا تغيير الماضي. إخبار نفسك بأنه كان عليك عمل كذا، أو كان يمكنك عمل كذا لا يغير حقيقة أنك لم تفعل الشيء الذي قلت.

إعادة بناء الإدراك: لم أفعل …. ، لكن لا يمكنني تغيير الماضي. إلا أنه يمكنني التعلم من هذه التجربة والقيام بشيء مختلف في المستقبل.

7- أشعر وكأنه كَذَبَ علي، إذا لا بد أنه فعل

التشوه الإدراكي: التفكير الانفعالي

بمجرد أنك تشعر بطريقة ما لا يعني أن ما تشعر به صحيح. على سبيل المثال، أن يشعر الشخص بالخوف رغم أنه لا وجود لخطر خارجي حقيقي.

الشخص الواقع في التفكير الانفعالي يخلط بين المشاعر والواقع. من الأفضل النظر للموقف بموضوعية والانفصال عن مشاعرك قبل القيام بأي حكم ناقد.

الحقيقة أنه، يكون لدينا حدس من وقت لآخر. أحيانا يكون لدينا شعور غريزي ويتبين أنه كان صحيحا. لكن مشاعرنا لا تساوي الواقع.

إعادة بناء الإدراك: لدي شعور أنه كذب علي، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه فعل. سأخبره كيف أشعر وأعطيه فرصة لإخباري بنسخته من القصة.

8- المصائب لا تأتي فرادى

التشوه الإدراكي: التهويل/ تقدير الكوارث

كلنا سمعنا بالمثل القائل “المصائب لا تأتي فرادى”. يبدو الأمر كأنه كلما سار أمر على غير ما يرام، كل الأشياء تسير على غير ما يرام. لكن العديد من الأشخاص الواقعين في التفكير السلبي يأخذون هذا بشكل مبالغ فيه.

تقدير الكوارث هو تشوه إدراكي يجعل الناس يصنعون جبلا من كومة تراب. إنهم يضخمون الأمور الصغيرة ويحولونها إلى أمور كبيرة. مثل شخص حصل على معدل رديء في امتحان واحد وجزم أنه لن ينجح في التكوين ككل.

الحقيقة أن رذاذ المطر ليس كالمطر الغزير.

إعادة بناء الإدراك: نعم، كان هناك بعض المطر خلال رحلة تخييمنا، لكن على الأقل لم تكن عاصفة رعدية.

9- كل ذلك خطأه/خطأها

التشوه الإدراكي: اللوم

هذا التشوه الإدراكي هو نقيض الشخصنة. بدل رؤية الأشياء من منظور “كله بسببي”، الشخص الذي ينخرط في اللوم يصبح ضحية يرى دوما الآخر هو السبب بدل نفسه.

الحقيقة هي، بغض النظر عن الموقف الذي أنت فيه، لن يكون الأمر أبدا كله بسبب شخص آخر. سيكون لك دوما درجة من المسؤولية في الأحداث التي تقع في حياتك. بدل توجيه أصابع الاتهام لشخص آخر، خذ وقتا للتفكير في الجزء الذي لعبته وتحمل كامل المسؤولية الشخصية عن أفعالك.

إعادة بناء الإدراك: أنا أتحمل مسؤولية دوري في هذا الموقف.

10- يمكنني الجزم أن الآخرين لا يحبونني

التشوه الإدراكي: قراءة الأفكار

عندما ينخرط شخص في قراءة الأفكار فإنه يَفترض أنه شخص روحاني ويستطيع قراءة أفكار الآخرين حتى لو لم يوجد تأكيد خارجي على صحة الأمر.

إذا وجدت نفسك تقول أشياء مثل “أستطيع الجزم أن الآخرين لا يحبونني”، توقف ولاحظ الموقف. هل لديك أي دليل على صحة ذلك؟

الحقيقة أنه لا نستطيع معرفة ما يفكر فيه شخص آخر ما لم نسألهم، وإذا ظننا أننا نفعل ذلك، فنحن نضع فرضيات مبنية على أوجه عدم الأمن في شخصياتنا.

إعادة بناء الإدراك: أنا لا أستطيع قراءة أفكار الآخرين. من الممكن أني أعزو مشاعر عدم الأمان لدي للآخرين.

11- أنا لست شخصا مميزا. أي شخص آخر من الممكن أن يقوم بما أقوم به.

التشوه الإدراكي: التهوين

عندما يقع شخص في هذا التشوه الإدراكي يمكن ألا يقوم أبدا بشيء بشكل صحيح حيث يقلل باستمرار من إنجازاته.

لسوء الحظ، نفس الشخص الذي يهون كل ما هو جيد في حياته سيهول ويفرط في تعميم كل ما هو سيء.

الحقيقة أنه من الطبيعي أن تُرَبِّط على نفسك من أجل إنجازاتك. فأنت تستحق ذلك. إذا وجدت نفسك تقلل من نقط قوتك ومواهبك، جرب تغيير تفكيرك ومدح نفسك عوض ذلك.

إعادة بناء الإدراك: لقد عملت بجد لأحقق ما لدي. إنه أمر طبيعي أن أفخر بنفسي.

12- إذا لم يتصلوا لغاية اللحظة، فلابد أن يكون الوضع سيئا

التشوه الإدراكي: القفز إلى الاستنتاجات

القفز إلى الاستنتاجات وتوقع الأسوأ فقط لأن الوقت يمر لن يخلق غير القلق ومشاعر سلبية أخرى داخلك. في هذه المواقف، من الأفضل أن يكون المرء صبورا وواقعيا.

الحقيقة أن القفز للاستنتاجات قبل الحصول على كل الأدلة من غير المرجح أن يقود لاستنتاج دقيق على كل حال، أنت فقط تفقد وقتك وطاقتك.

إعادة بناء الإدراك: الطبيب لم يتصل بعد. لكن، العيادة قد تكون ممتلئة. سأنتظر حتى أسمع شيئا قبل وضع الافتراضات.

13- لقد جاملني. لكن كان ذلك نابعا من لطفه فقط.

التشوه الإدراكي: استبعاد الإيجابي

من الشائع لدى الناس عدم تقبل المجاملات. شخص يقول “أعجبني قميصك”، وتجيب “هذه القطعة البالية؟”

تجاهل المجاملات ليس إلا البداية لدى الأشخاص الذين يستبعدون كل ما هو إيجابي. الأشخاص الذين يفكرون بهذه الطريقة السلبية يميلون للتقليل من أي شيء وكل شيء إيجابي في حياتهم.

الحقيقة أنه لا يوجد شيء سلبي كلية أو إيجابي كلية، لكن عن طريق التجاهل الدائم لما هو إيجابي يمكن أن تجفف منابع المتعة من حياتك وتشعر في النهاية أنك غير كفء، قلق للغاية، أو بئيس ببساطة. بدل استبعاد الإيجابي، اجعله مهما.  استشعره داخلك واستمتع به. ستكون سعيدا لقيامك بذلك.

إعادة بناء الإدراك: إنه شعور جيد أن تتم مجاملتك. أنا ممتن لكلماته اللطيفة. في الحقيقة هناك احتمال 50% أن يكون على حق.

ماذا الآن .. أنا فعلا أقع في هذه التشوهات الإدراكية .. ماذا أفعل؟

إذا وجدت أيا من طباع التفكير هاته في نفسك، لا تقلق – يمكنك إعادة تدريب عقلك. فكر في رؤية معالج مختص في العلاج المعرفي السلوكي لمساعدتك في التحكم في أفكارك وتتعرف بذلك على التشوهات الإدراكية عندما تظهر وتعوضها بأفكار أكثر إيجابية وإبهاجا.  (أو اعتمد على مصادر المساعدة الذاتية كهذه المدونة).



المصدر: Harley Therapy

الصورة: jannoon