السبب‌ ‌الحقيقي‌ ‌وراء‌ انخفاض‌ قيمتك الذاتية‌ ‌-‌ ‌ وكيف تعالج ‌ذلك‌

هل يراودك شعور في أعماقك بأنك لست جيدا مثل الآخرين؟  هل جربت التفكير الإيجابي ودفع نفسك لتجربة أشياء جديدة ولكن لا زلت تعاني من الشعور بانخفاض قيمتك الذاتية؟

 

الخطأ الذي نفعله عندما يتعلق الأمر بالشعور بالقيمة الداخلية

الخطأ الأكبر الذي نفعله بشأن قيمتنا الذاتية هو اعتقادنا بأنها مجرد فكرة.  بحيث أننا إذا غيرنا أفكارنا المتعلقة بانعدام قيمتنا ( أننا لا نساوي شيئًا) فسوف نشعر بتحسن. 

 

في الواقع، الأفكار السلبية هي عرَض من أعراض الشعور بانخفاض القيمة الذاتية وليست سببًا له.

إذا كنا على يقين أنه بإمكاننا إقناع أنفسنا بأننا ذوي قيمة فإننا بذلك نخلط بين الشعور بالقيمة الذاتية وانخفاض الثقة بالنفس. 

انخفاض الثقة بالنفس مقارنة بالشعور بانخفاض القيمة الذاتية

تنخفض الثقة بالنفس بسبب التحديات التي نواجهها يوميًا، مثل شغلنا وظيفة لسنا مؤهلين كفاية لمزاولتها أو شيئًا ما أخفقنا فيه في الماضي ونشعر بالقلق حيال الإخفاق فيه مرة أخرى، كالإخفاق في تقديم عرض توضيحي مثلًا.

إذن، فانخفاض ثقتنا بأنفسنا هو أمر منطقي. يمكننا إيجاد طرق منطقية للتحكم فيه – كطلب المساعدة في إلقاء كلمة من زميل أو إيجاد مرشد.

 

أما الشعور بانخفاض القيمة الذاتية فهو أمر غير منطقي.  قد نمتلك أفضل وظيفة، ونكون بصحة جيدة، ولدينا الكثير من المال ولكن لا نزال نشعر بانعدام القيمة.  وأيضًا الشعور بانخفاض القيمة الذاتية ليس نتيجة للتحديات التي نواجهها يوميًا. 

فما الذي يعنيه الشعور بانخفاض القيمة الذاتية، حقيقة؟

ينشأ الشعور بانخفاض القيمة الذاتية من تجارب الماضي وعواطفه غير المحسومة.

بالتالي، فهو اعتقاد وليس مجرد فكرة.  فتجارب الماضي هذه قد أدت لاعتقادات سلبية عن العالم.

وإذا كان هناك شعور واحد مسؤول عن انخفاض القيمة الذاتية فهو العار/الخزي. شعورنا بالعار من أنفسنا ومن التجارب التي مررنا بها.

 

المسببات الفعلية للشعور بانخفاض القيمة الذاتية

التجارب التي تؤدي لانعدام التقدير الذاتي هي:

 

التعرض للاعتداء أثناء الطفولة

التعرض لاعتداء جسدي أو جنسي أثناء الطفولة هو أحد أكثر الأسباب شيوعًا وراء الشعور بانخفاض القيمة الذاتية.  فعند محاولته تفسير ما يحدث، يلوم الطفل نفسه أو تلوم الطفلة نفسها.

التعرض لصدمات أخرى أثناء الطفولة

قد تكون هذه الصدمات موت أحد الأبوين أو الإخوة، أو هجران أحد الأبوين فجأة، أو فقدان المأوى، أو التعرض للتنمر، أو أي شيء يؤثر بعمق على الإحساس بالذات أو الشعور بالأمان.

تجارب الطفولة السلبية ACE’S

تجارب الطفولة السلبية أو ACE’S هي مصطلح نفسي يعبر عن الأمور الصعبة جدًا التي يمر بها الطفل والتي لا تصل غالبًا لحد “الصدمة”.  قد تتضمن هذه الأمور التجاهل والنمو في بيئة فقيرة، أو إدمان أو مرض أحد الأبوين، أو معاملة أحد الأبوين للآخر بعنف، أو اعتقال أحد أفراد العائلة، أو انفصال الأبوين.

التربية السيئة

إن لوم الآباء على كل البؤس الذي نعيشه ليس هو الأسلوب الأمثل.  فغالبًا ما يقوم الآباء بأفضل ما يستطيعون، ولكنهم لا يمتلكون المعلومات الصحيحة.

ولكنه صحيح أيضًا أن سوء التربية، والعقاب والنقد المتكرر، والمعايير القاسية، وعدم إظهار القدر الكافي من التعاطف، كل هذا مرتبط بالشعور بانخفاض القيمة الذاتية.

 

وتوضح مؤسسة جوزيف رونتري Joseph Rowntree Foundation  في تقرير حول الشعور بانخفاض لقيمة الذاتية، “إن أقوى العوامل المؤثرة على القيمة الذاتية هم الآباء.  كما يلعب أسلوب التربية، والتعرض لإساءة جسدية أو جنسية بالأخص دورًا هامًا في هذا الشأن.” 

 التعلق غير الآمن

تؤمن نظرية التعلق بأنه لكي تنمو وتصبح شخصًا بالغًا قادرًا على تكوين علاقات صحية وآمنة، فإنك تحتاج لوجود مقدم رعاية في طفولتك تثق بوجوده دائما من أجلك وتقبله لك.  بدون ذلك، ننمو لتصبح لدينا مشاكل ليس فقط في الارتباط بالآخرين بل أيضا بتقدير ذاتي ضعيف. 

 المعتقدات السلبية الراسخة

مرة أخرى، الافتقار للشعور بالقيمة الداخلية تحركه مجموعة من الاعتقادات بأننا لسنا جيدين وكل هذه الاعتقادات تكونت بفعل خبرات تشبه التي ذكرناها سالفًا. الاعتقادات السلبية الراسخة قد تكون:

 

  • كل الأشخاص أفضل مني
  • أنا غير قابل لأن أحب
  • إذا عرفني أي شخص على حقيقتي فلن يرغب أحد في معرفتي
  • شيء ما بداخلي انكسر ولا يمكن إصلاحه.

ولكني لم أشعر بانخفاض قيمتي الذاتية إلا منذ وقت قريب

 مررت بتجربة انفصال والآن لم تعد تشعر بأي قيمة لذاتك؟ تتحدث إلى نفسك قائلًا: “لقد كنت واثقًا بنفسي جدًا إلى أن دمر هذا النرجسي حياتي”؟

هذه هي طريقة التفكير التي يتبعها الأشخاص الذين يشعرون بانخفاض قيمتهم الذاتية. خلق تاريخ زائف، وإعادة كتابة الأحداث بشكل مستمر، ولعب دور الضحية ولوم الآخرين هي وسائل لتجنب مواجهة تاريخنا الطويل من الشعور بالألم الداخلي.

نحتاج الكثير من الشجاعة لمواجهة حقيقة أننا نكافح معظم حياتنا من أجل الشعور أننا بخير وأننا في أعماقنا لا نحب ذواتنا. ولكن هذه الحلقة المفرغة من الإنكار واللوم تبدو أسهل.

وبالرغم من ذلك، فإنها تؤدي للشعور بألم أكثر على المدى البعيد. وإلى أن نتعامل مع ماضينا بشكل مباشر فسوف نبتعد دائمًا عن ذواتنا مشكلين نفس النمط الصعب مرارًا وتكرارًا.

أوضحت دراسة أجريت عام 2018 أن الأشخاص الذين لديهم تقدير منخفض لذواتهم في الحقيقة يخربون علاقاتهم بسبب ضعف مهارتهم في طلب الدعم. إذ تؤدي الطرق الملتوية مثل التأفف وتصنع الحزن والعبوس إلى استجابات سلبية من شركائهم.

ما هي نتيجة الشعور بانخفاض القيمة الذاتية؟

تتلخص المخاطر الشائعة للشعور بانخفاض القيمة الذاتية في:

  • صعوبة في العلاقات الحميمية والعلاقات بشكل عام
  • الدفاع النفسي وإلقاء اللوم على الآخرين
  • افتقاد الغرض من الحياة
  • ضعف الحدود الشخصية
  • عدم إحراز أي تقدم في المسار المهني
  • الإدمان – تعاطي الكحول، والمخدرات والإفراط في تناول الطعام
  • اضطرابات الأكل
  • الإيذاء السري للذات
  • التفكير الانتحاري
  • امتلاك عقلية الضحية
  • القلق والاكتئاب

ما الذي بإمكانه مساعدتي فعلًا على حب ذاتي وتقديرها؟

لنبدأ بالأشياء التي لا تجدي نفعًا بالنسبة للمبتدئين. التفكير الإيجابي، والضغط على نفسك بشكل كبير، والتظاهر بأنك تشعر بشعور أفضل نحو نفسك أكثر من الواقع وتجاهل شعورك متمنيًا أنه سوف يختفي من تلقاء نفسه. 

القيمة الذاتية المنخفضة لها جذور عميقة الأمر الذي يتطلب تنقيًبًا جديًا. هناك وسائل يمكنك اتباعها بنفسك بدءًا من اليوم. من بين هذه الوسائل:

 

  • تدوين تسلسل الأفكار في اليوميات
  • التأمل
  • التعاطف مع الذات
  • تعلم وضع حدود
  • ممارسة الشعور بالامتنان
  • قراءة كتب التطوير الذاتي.

ولكن ينصح بشدة السعي للحصول على الدعم لتتخذ خطوات فعلية للأمام.. قد تحصل عليه من قبل مستشار محترف أو أخصائي نفسي يمكنه خلق مساحة آمنة لك تستطيع من خلالها التعامل مع أسباب شعورك بانخفاض قيمتك الذاتية. كما سيساعدونك أيضًا على إيجاد طرق جديدة لإيجاد معنى لتجاربك وعيش ذاتك مما سيساعد بشكل لطيف في رفع شعورك بالتقدير.

 



ترجمة: هاجر عبد الوهاب

المصدر: Harley Therapy

الصورة: vecteezy