جانبك الطفولي الذي لم ينضج بعد .. الطفل الداخلي
مصطلح الطفل الداخلي قد يبدو شائع الاستعمال، فقد احتضنته كتابات المساعدة الذاتية وحركات العصر الجديد.
رغم كثرة استخدام المصطلح، فكرة الطفل الداخلي هي في الحقيقة مبدأ مهم ونافع نشأ عن العلاج النفسي.
العديد من المدارس الفكرية العلاجية تعترف بالجانب الطفولي من شخصياتنا والذي يشير إليه الطفل الداخلي، ويطلقون على هذا المفهوم عدة تسميات ك “النمط الأولي للطفل”، “الطفل في الداخل”، “الطفل المعجزة”، أو “الطفل المجروح”.
ما هو الطفل الداخلي؟
مصطلح الطفل الداخلي لا يعني بالطبع أن هناك طفلا صغيرا يعيش داخلك، أو أن منطقة من دماغك مخصصة حصريا للأفكار الطفولية!
الفكرة العامة هي أننا كلنا نملك جانبا طفوليا داخل لاوعينا. الطفل الداخلي يمكن النظر إليه على أنه “شخصية فرعية“، جانب من شخصيتك يمكنه السيطرة وأخذ زمام الأمور كلما تعرضت لموقف صعب.
الطفل الداخلي يعكس الطفل الذي كنا في جوانبه ‘السلبية’ و’ الإيجابية’ معا. حاجياتنا الغير ملباة ومشاعر طفولتنا المقموعة، بالإضافة إلى براءتنا الطفولية، إبداعنا، فرحنا، ما زالت تنتظر داخلنا.
المشاعر المقموعة يمكن أن تكون كل الأشياء التي قيل لك وأنت طفل ألا تستشعرها إذا أردت أن تكون محبوبا. لذلك إذا كنت تحصل على الاهتمام فقط عندما تتصرف بشكل جيد، يمكن أن تجد الطفل الداخلي يحمل التمرد، الحزن والغضب. أو، إذا عايشت صدمة أو إساءة، سوف تتعلم إخفاء الألم والخوف لتعيش.
الطفل الداخلي يمكن أن يخفي أيضا كل الأشياء التي لُقنّت لنا عن أنفسنا من قبل آبائنا، أساتذتنا، أو رشداء آخرين. قد يبدو الأمر مثل، “من الأفضل لك ألا تقول حقيقة ما تفكر فيه”، “لا تحاول نيل تلك الترقية فأنت ببساطة لست ذكيا بما يكفي”، “الرجال لا يبكون”، “الجنس وسخ”.
لماذا يعتبر الطفل الداخلي مفهوما مهما؟
الفكرة هي أن بلوغ طفلك الداخلي يمكنك من العثور على جذور مشاكلك كشخص راشد.
العمل على الطفل الداخلي يمكن أن يساعد في الأمور التالية:
- اكتشاف وتحرير المشاعر المقموعة التي تقيدك
- مساعدتك على التعرف على احتياجاتك التي لم تلبّ
- مساعدتك على فك/تسوية الأنماط غير المساعدة
- منحك فرصة لزيادة وتطوير اهتمامك بذاتك
- مساعدتك على أن تصبح مبدعا ومرحا
- تقوية احترامك الذاتي.
كيف ظهر مفهوم الطفل الداخلي؟
العديد ينسب بدايات الطفل الداخلي لكارل يونغ. لقد ضمن “النمط الأولي للطفل” في لائحته للأنماط الأولية والتي تمثل “التفرد” — تطور مختلف جوانب الذات لتصبح كلا مكتمل الوظائف.
كارل يونغ أبدى اهتماما قويا بمفهوم “الطفل في الداخل” بعد انفصاله عن فرويد. لقد ذكر في كتابه “ذكريات، أحلام، تأملات” أنه أصبح مدركا لفقده الإبداع والحب لصنع الأشياء واللذان كان يملكهما وهو طفل. لقد قام بملاحظة المشاعر التي تظهر كلما تذكر إبداع طفولته كما بدأ في بناء علاقة مع “الطفل الصغير” داخله، عبر القيام بأشياء مرحة الشيء الذي سبب ظهور ذكريات ومشاعر أخرى لكي يتم التعامل معها.
النمط الأولي للطفل، في نظرية يونغ، يمكن أن يكون وسيلة لمساعدتنا على الاتصال بالماضي، ونحن نتذكر تجاربنا ومشاعرنا عندما كنا أطفالا. وهذا يمكنه أن يساعدنا أيضا لننضج ونكتشف ما الذي نريده من مستقبلنا.
“التحليل التفاعلي” كان هو الآخر من تيارات علم النفس التي سلطت الضوء على فكرة “الطفل الداخلي”. وهو فرع من التحليل النفسي تطور في الخمسينات، ويرى أن الطريقة التي نتصرف بها في وجود الآخرين نابعة من إحدى حالات الأنا الثلاث وهي بالتحديد الطفل، الوالدية، أو الراشد.
بحلول السبعينات، تم استعمال عدة أشكال لمفهوم “الطفل الداخلي”، من طرف مؤلفي كتب المساعدة الذاتية و تيار الخطوات-12 وتطور مفاهيم الاعتمادية (التعلق النفسي المرضي).
هل كل أنواع العلاجات النفسية تتضمن الطفل الداخلي؟
هناك العديد من أساليب علاج المشاكل النفسية والعاطفية في الوقت الراهن. بعض أشكال العلاج لا تستعمل فكرة الطفل الداخلي ولا تعتمد على الماضي على الإطلاق. مثال على ذلك العلاج السلوكي المعرفي، والذي يركز أكثر على الربط بين أفكارك، مشاعرك وسلوكياتك.
هل علي إيجاد معالج نفسي يمكنه مساعدتي مع طفلي الداخلي؟
الأمر يتعلق بما يناسبك أكثر. إذا كانت لديك طفولة مأساوية، إذا كانت لديك صعوبات في الوصول لما تشعر به، وإذا كنت تجد الثقة في الآخرين والاتصال بهم عاطفيا أمرا صعبا، العمل على الطفل الداخلي قد يكون مفيدا. إذا لم تكن متأكدا، اسأل المعالج النفسي الذي تتعامل معه، أو جرب كتابا للمساعدة الذاتية في هذا المجال.
المقال لمجموعة Harley Therapy
المصور Davidlohr Bueso