لست حزينا ولا مجروحا ولا غاضبا: بل فارغ!

يبدو الأمر وكأنه لا مشاعر لدي،أنا فاقد للإحساس في أحايين كثيرة.

شيء ما مفقود لدي.

ليس لدي أي فكرة عما أشعر به اتجاه أي شيء.

أحيانا أحس أن صدري مجوف.  

أحس بالفراغ داخلي.

ما يبدو عبارة عن خمسة تصريحات متباينة هو في الواقع خمسة أشخاص يصفون نفس الشعور. كل شخص يتحدث عن هذا الشعور بطريقة مختلفة لأنه لا وجود لكلمات محددة لوصفه.  لكن، بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الخمسة، وآلاف غيرهم، يتعلق الأمر بنفس الشعور وهو ناتج عن نفس المشكل.

الكلمة التي تختصر الموضوع بشكل جيد هي:

فـارغ

من بين كل المشاعر التي يمكن أن يستشعرها الشخص، يعتبر ‘الفراغ الشعوري’ من أكثرها إزعاجا. أن تحس أنك فارغ هو أن تحس أنك غير مكتمل. إنه الشعور بشيء ما غائب أو مفقود داخلك، أنك مختلف، منفرد، وحيد، ينقصك شيء ما،  فاقد للإحساس.

إنه الشعور الذي يقود الناس للقيام بعدد لا يحصى من الأشياء غير الصحية، مثل الإفراط في الأكل، الإفراط في الشرب، الإفراط في التسوق، أو حتى اللجوء للمخدرات. إنه شعور يستهلك سعادة الشخص، طاقته وثقته بنفسه  تدريجيا وبصمت. إنه شعور يغيب عن وعي الشخص، ويحمل معه قوة هائلة قادرة على دهورة جودة الحياة.

وكأي شعور يخبرنا شيئا ما عن أنفسنا، كذلك يفعل ‘الفراغ الشعوري’. إنه يخبرنا أن شيئا أساسيا  ينقصنا. شيء يلزمنا لنبلغ السعادة وتحقيق الذات. هل هو شيء يختلف من شخص لآخر؟ لا أظن ذلك. الشيء المفقود هو نفسه لدى كل من يشعر أنه ‘فارغ’. الشيء المفقود هو:

المشاعر/ العواطف

من خلال الحديث مع العديد من الأشخاص الذين يعانون من ‘الفراغ الشعوري’، صرت قادرة على تحديد ما أؤمن بأنه السبب وراء هذا الشعور. إنها تجربة أثناء الطفولة عاشها الكل، لكن القليل من يستطيع تذكرها. إنه الإهمال العاطفي أثناء الطفولة. كل شخص من هؤلاء الأشخاص ترعرع في بيت كانت فيه مشاعره غير مقبولة، غير مستجاب لها أو صحيحة بما فيه الكفاية.

عواطفنا مجبولة فينا. إنها أعمق جزء ذاتي  بيولوجي  من ماهيتنا. عندما تتم تربيتك من طرف والدين يهملان مشاعرك،  يلغيان أهميتها أو يفشلان في الاستجابة لها، تتعلم بسرعة أن تقوم بهذا من أجل نفسك.  هذا ليس اختيارا واعيا لطفل. إنها رسالة غير مرئية مع قوة غير مرئية. الطفل يستطيع التكيف مع الوضع. يتجاهل مشاعره، يلغي أهميتها ويفشل في الاستجابة لها.

لذلك، كشخص بالغ، عندما تشعر أنك ‘فارغ’، العنصر المفقود لديك هو نفس العنصر الذي كان مفقودا في طفولتك: تقبل مشاعرك، الاستجابة لها /الإدراك، إثباتها أو تأكيدها. لكن الآن، في مرحلة البلوغ، لا تحتاج لهذا التقبل من والديك، بل من نفسك.      

قد تقول لي الآن ”لكن لدي مشاعر”، ”لم لا زلت أشعر أني فارغ؟”

تخيل جدارا بداخلك. في إحدى جهتي الجدار هناك مشاعرك، وفي الجهة الأخرى توجد أنت. مشاعرك موجودة، وهي حقيقية. أحيانا إحدى هذه المشاعر تخترق الجدار فتحس بها. لكن الجدار ما زال هناك.

إشارات على أن لديك ”فراغا شعوريا”:

-أحيانا تشعر جسديا أن لديك فراغا داخليا

-تشعر بعدم ارتياح عندما يتعلق الأمر بالمشاعر أو الظهور متطلبا

-أحيانا تشعر أنك فاقد للقدرة على الإحساس

-تتساءل عن معنى وهدف حياتك

-لسبب غير ظاهر تتساءل أحيانا هل لازلت ترغب في العيش

-تشعر أنك مختلف عن الآخرين بشكل غامض/محير

-بعض العناصر الأساسية مفقودة من حياتك/غائبة

-عميقا داخلك تشعر أنك وحيد

إذا شعرت أن هذا المقال ينطبق عليك، فضلا اعلم هذا: نعم هناك شيء مفقود. نعم، هو شيء أساسي. أنت لست متطلبا ولا عديم الإحساس. أنت لست مختلفا ولست وحيدا. كل ما تحتاج إليه لملء نفسك موجود داخلك. ينتظرك لتفتح عينيك، تسقط ذاك الجدار وتنظر.

الشعور وقود الحياة. إذا لم يتم تزويدنا به في الطفولة، يجب أن نزود أنفسنا به ونحن بالغون. وإلا سنجد أنفسنا نشتغل بخزان فارغ.



الكاتب: Dr. Jonice Webb

المصور: Isaac Holmgren