كيف تتصل بمشاعرك الأساسية

”مثلث التغيير” هو عبارة عن خريطة ودليل يحملك من حالة عدم الاتصال إلى ذاتك الحقيقية. على المستوى العملي، نجد مثلث التغيير مكونا من مجموعة خطوات تهدف ببساطة إلى جعلك تشعر بحال أفضل. يعمل هذا المثلث على إعادة إدراكك لمشاعرك الأساسية مثل الفرح، الغضب، الحزن، الخوف، والإثارة. لقد ساعدني مثلث التغيير لبلوغ السعادة والرضى، كما ساعد عدة أشخاص عملت معهم لاستعادة ذات حقيقية أكثر حياة، وانسجاما.

 

“مثلث التغيير” سمي أول مرة “مثلث الصراع” (Triangle of Conflict) سنة 1970 من قبل David Malan ثم “مثلث التجربة” (Triangle of Experience) من قبل Diana Fosha في كتابها الريادي The Transforming Power Of Affect. الكثير من أعمالي مبنية على أعمال Fosha.

 

ما هي المشاعرالأساسية؟

 

المشاعر الأساسية هي أحاسيس جسدية في معظمها والتي ندركها في شكل شعور معين. المشاعر الأساسية تخبرنا عن محيطنا. هل أنا في مأمن أم في خطر؟ ماذا أحتاج/أريد أو لا أريد؟ هل أنا حزين؟ هل أنا مجروح؟ ما الذي يشعرني بالمتعة؟ ما الذي يثير اشمئزازي؟ ما الذي يثيرني؟ المشاعر الأساسية موجودة في المنطقة الوسطى للدماغ، مما يعني أنها لا تخضع لرقابة العقل الواعي.

المشاعر الأساسية هي: الحزن، الخوف، الغضب، الفرح، الحماس، الإثارة الجنسية والاشمئزاز. وتتم إثارتها عن طريق محيطنا. كل شعور أساسي مبرمج ليطلق مجموعة من ردات الفعل الفيزيولوجية والتي تجهزنا للقيام بفعل ما. المشاعر الأساسية عظيمة: إذا سمحنا لها بالمرور، برمجتها الفطرية تخبرنا ماالذي علينا عمله لنتكيف مع ظروف الحياة.

 

ما هي المشاعر الكابحة؟

 

المشاعر الكابحة تعيق المشاعر الأساسية. العار، القلق والذنب، هي مشاعر كابحة تعيق مرور المشاعر الأساسية عندما:

 

  1.  تتعارض مع ما يرغب به الأشخاص الذين نحتاجهم كالأبوين، الأصدقاء والشركاء؛
  2.  تصبح المشاعر الأساسية قوية جدا ويحاول دماغنا إيقافها لحمايتنا من الضغط العاطفي.

 

ما هي الدفاعات؟

 

الدفاعات هي أي شيء نقوم به لتجنب الإحساس بالمشاعر الأساسية أو المشاعر الكابحة. الاكتئاب هو دفاع لأنه حالة نكون فيها بعيدين وغير متصلين بمشاعرنا الأساسية. هناك ما لا نهاية من الدفاعات لكن نكتفي بأكثرها شيوعا في ثقافتنا: المزاح، التهكم أو السخرية، الإكثار من استعمال أجهزة ذات شاشة، النقد، الانعزال، التسويف، الانشغال، التفكير السلبي، الإفراط في العمل، الإفراط في ممارسة الرياضة، الإفراط في الأكل، نقص التغذية، إيذاء الذات، الجنس، الهوس، الإدمان، إلى غير ذلك.

 

كيف تستخدم مثلث التغيير؟

 

عندما يفقدك موقف أو حدث ما توازنك العاطفي عليك أن:

  1. تحدد أين تقف في مثلث التغيير: الدفاع، الكبح، الأساس؟
  2. تحدد إلى أين تود الذهاب … در في اتجاه عقارب الساعة حول مثلث التغيير بدءا من المشاعر الأساسية، الشيء الذي سيرشدك بشكل طبيعي إلى الاسترخاء، فهم أوضح للموقف أو حل.

 

 

مثلث التغيير هو مكان يمكن الرجوع إليه في اللحظة التي تمر فيها بمعاناة عاطفية، سواء بسبب شيء بداخلك، أو بسبب شيء أو شخص في محيطك. شخصيا أعود إلى مثلث التغيير لأنه في أغلب الحالات كلما اكتشفت “أين أنا في مثلث التغيير” أشعر بحال أفضل، لسببين:

  1.  لأني أبتعد عن الشعور اللحظي وأكتسب نظرة أشمل؛ 
  2.  لأني أحصل على بعض التوجيه لما علي فعله لمساعدة نفسي للشعور بحال أفضل.

 

إليكم الخطوات الأساسية:

 

  • حدد أي زاوية تجد نفسك أقرب إليها.
  • استرخ، تنفس، وهدئ نفسك لبضع ثوان على الأقل.
  • حاول أن تتعرف على كل المشاعر الأساسية وراء هذه الحالة والتي تظهر في هذه اللحظة. يمكن أن يكون هناك شعور واحد أو أكثر. تعرف وسمّ كل شعورعلى حدة ما أمكنك ذلك.
  • فكر في الطريقة الأفضل للتصرف في هذه اللحظة.

 

مع القليل من التدريب، عندما تسأل ”أين أقف في مثلث التغيير الآن؟” ستدرك أن حالتك الشعورية توجد في إحدى زوايا المثلث الثلاثة:

 

  1. زاوية أعلى اليسار- الدفاع
  2. زاوية أعلى اليمين – القلق، العار أو الذنب
  3. الزاوية السفلى – المشاعر الأساسية

أو أسفل المثلث، في حالة من السلام والعطاء والانفتاح – حيث كل منا يأمل أن يطيل المكوث. الحالة أسفل المثلث يمكن الوصول إليها عن طريق “الإصغاء” لما يخبرك به الشعور الأساسي في تلك اللحظة، واحترام ما يخبرك به والسماح للإحساس الجسدي المرافق له ليتحرك بحرية حتى يهدأ بشكل طبيعي. فالمشاعر الأساسية تشبه الأمواج: ترتفع ثم تنحسر.

 

مثال لتطبيق مثلث التغيير:

شخصيا أستعمل مثلث التغيير باستمرار لأشعر بحال أفضل. وهذا مثال حديث من تجربتي الشخصية:

اليوم أنا قلقة بشأن كتابة مقال. أستشعر خفقانا في صدري وفورانا في معدتي. ولأنني لا أحب أن أستشعر قلقي، فأنا أتجنبه عبر التفكير بشكل سلبي، كأن أقول مثلا “ربما لا يمكنني فعل ذلك” وأن أقلق حول مكالمة هاتفية لا تمث للموضوع بصلة علي إجراؤها. (هذا الانتقال من المشاعر إلى الدفاعات يحدث في معظم الأحيان بشكل لا واعي وتلقائي.) هذا مثال لي وأنا أنتقل من أعلى يمين مثلث التغيير حيث القلق ومشاعر كابحة أخرى إلى أعلى يسار المثلث حيث توجد الدفاعات. فأنا لا أريد استشعار قلقي!

عندما ألاحظ أن أفكاري السلبية (”لا أستطيع فعل هذا!”) هي فقط ميكانيزمات دفاعية (والذي يحتاج بعض التدريب حتى تصبح واعيا به)، أعلم حينئذ أنه يمكنني استخدام مثلث التغيير لأشعر بحال أفضل، لذلك أبدأ في طرح أسئلة على نفسي،

“هل يمكنني معرفة ما هو الشعور الأساسي الذي يحركني في هذه اللحظة؟”

لاكتشاف المشاعر الأساسية، أحول تركيزي إلى جسدي. هذا مفتاح الأمر!

وكما أتوقع، عندما أحول تركيزي بعيدا عن دفاعاتي (الفكرة السلبية أنني لا أستطيع القيام بالعمل) وإلى جسدي، أستشعر قلقي من جديد — ذاك الخفقان في صدري. لقد عدت إلى الزاوية أعلى يمين مثلث التغيير؛ لكن هذه المرة أنا في الاتجاه الصحيح، نحو التعامل مباشرة مع مشاعري الرئيسية. هدفي هو الاتصال بذاتي على مستوى عميق والتوقف عن الإصغاء لتلك الأفكار السلبية التي خلقتها لتجنب مشاعري.   

للتعامل مع شعور القلق،  آخذ عدة أنفاس طويلة وعميقة وأنا أركز على الأحاسيس الجسدية في الداخل. أركز على الشعور الجسدي المرتبط بقلقي من زاوية التعاطف والفضول عوض الخوف والحكم. عندما ينخفض مستوى قلقي قليلا عبر التنفس وطرق أخرى للتهدئة، تبدأ  المشاعر الأساسية المسببة للقلق في الظهور.

أحيانا تكون المشاعر الأساسية واضحة. في أحيان أخرى، يصعب التعرف عليها. في هذه الحالة الأخيرة، أجرب كل المشاعر الأساسية، واحدا تلو الآخر. وإليكم الطريقة:

تركيزي ما يزال على جسدي – أسفل عنقي. أسأل نفسي، “هل يوجد حزن هنا؟ هل يوجد غضب؟ إثارة؟ فرح؟ هل هناك خوف؟ أو اشمئزاز؟” هناك في العادة حس ب”التعرف” يعلمك أنك اكتشفت الشعور الأساسي الصحيح – وقد يكون هناك أكثر من شعور واحد! أتعرف عليها كلها. ثم أمر إلى كل شعور واحدا تلو الآخر.

أكتشف أنه وراء قلقي هناك الشعور الأساسي بالخوف.

الخوف يشبه القلق لكن القلق لا يأتي بوصف لما يجب عمله. القلق يميل إلى تعطيل الحركة بدل الاخبار. لكن الخوف؟ يمكننا في الحقيقة التعامل مع الخوف! إليكم الطريقة:

أسأل خوفي، “ما الذي تخاف منه؟” خوفي يجيبني، “أخاف من إحراج نفسي، أخاف من خذلان قرائي.”

الخوف، كباقي المشاعر الأساسية، يخضع لمجموعة انفعالات. الخوف يخبرنا أن نهرب بعيدا وكأننا أمام أسد بصدد الانقضاض علينا. وللتعامل مع هذه الانفعالات أقوم بالتالي:  

أسأل نفسي، هل أريد أن أتصرف من دافع الخوف وأهرب من كتابة المقال؟ أو أريد أن أسمح لخوفي بالمرور (شجاعة) وأجرب الكتابة؟ فأقرر المحاولة.

أذكر نفسي أنه حتى لو تحقق ما أخاف منه سوف أنجو بحياتي بالتأكيد (على خلاف إذا انقض علي أسد).

إذا، كيف أشعر الآن؟ أفضل. الآن بعد تعرفي على خوفي وإعطائه اسما، قلقي يخف. أشعر أني أهدأ لأنني حددت بوضوح ما يزعجني. اخترت الشجاعة على الخوف وبالتالي حصلت على الإلهام لإتمام مقالي!

 

مشاعرنا هي بوصلة للحياة. تجاهل المشاعر يقود للتوتر، القلق وصعوبة العثور على الفرح والسلام – إنه شعور بفقد الذات.

لا يجب أن تكون الحياة هكذا! باستطاعة أي كان العيش بتناغم مع مشاعره الأساسية. كيف ذلك؟ عبر التعرف على هذه المشاعر. هذا ما ينطوي عليه مثلث التغيير: إنها خريطة تعيدنا للذات الحقيقية.



الكاتب: Hilary Jacobs Hendel

المصور: Chrisuk