شعور الوحدة – ما يجب عليك فعله لتجاوزه

تشعر بالوحدة؟ في هذا أنت بالتأكيد لست وحدك. لم يسبق لهذا الكم الهائل من للناس أن شعروا بهذه الدرجة من العزلة. الكاتب والناشط السياسي George Monbiot يطلق عليه “عصر الوحدة”، تزامنا مع التصويت حديثا لبريطانيا كعاصمة أوروبا في “الوحدة” عن طريق المكتب الوطني للإحصائيات. على ما يبدو، البريطانيون هم أقل مواطني الاتحاد الأوروبي تكوينا للصداقات مع الجيران أو للروابط الاجتماعية القوية.

 

عالم النفس John Bowlby، المعروف بتطويره لما يعرف الآن “بنظرية التعلق”، يرى أن التواصل والحميمية هي حاجيات إنسانية أساسية، كالأكل والشرب. نبحث عن الاتصال وأن يتم فهمنا – إنه عبر “الاتصال الاجتماعي” الذي نطوره ونحن أطفال، نكبر لنصبح راشدين، ونقبل على الحياة كما نحن.

 

لكن في عالمنا المكتظ بالبشر والمشحون 24 ساعة  طيلة أيام الأسبوع، الكثير منا محروم تماما من الدفء الإنساني الأساسي. أجهزتنا الرقمية متصلة، لكن قلوبنا وأرواحنا ليست كذلك.

 

لكن الوحدة موجودة لسبب، ومن زاوية أخرى، فهي شيء علينا أن نمتن لوجوده. لم؟ لأنها تنذرنا بوجود الخطر. ضوء أحمر وامض على لوحة قيادتك النفسية.  الوحدة هي إشارة إنذار من نفسك إليك. تخبرك أن الأمور ليست على ما يرام في عالمك الداخلي وأنه حان الوقت للتوقف، أخذ نفس عميق، واكتشاف – بطريقة لطيفة ورقيقة – كيف تتعلم التخفيف من  ألمك الداخلي والحصول على ما تريد من الحياة ومن الآخرين.

 

1. تعرف على وحدتك

 

المرحلة الأولى لتجاوز الشعور بالوحدة هو السماح لنفسك باستشعار وحدتك تماما. كما هو صعب إصلاح مصباح محترق دون النظر إليه أو معرفة قوته الكهربائية، فهو صعب تغيير الأشياء في الحياة ما لم نأخذ وقتنا لاستيعابها بشكل كامل. إذا أردت معرفة كيف تتجاوز وحدتك، تحتاج معرفة ما الذي تتعامل معه بالضبط.

 

لذا من المهم العمل على التعرف على وحدتك ووصفها. هذه الطريقة توحد وتدمج شعورك بتفكيرك، عقلك البدائي مع عقلك الإنساني، وتساعد على معالجة  وضبط ألمك.

 

Photo by Art by Lønfeldt on Unsplash

 

جرب هذه الاسئلة:

  • ما هي تجربتك الفعلية للوحدة الآن، في هذه اللحظة وهذا اليوم؟
  • كيف يمكنك وصف هذا الإحساس؟
  • أين تستشعره في جسدك؟
  • كيف يبدو؟ (ربما تود رسمه)
  • إذا كان له صوت، ما الذي سيقوله؟

 

بعد ذلك، حان الوقت لإخبار قصة وحدتك. عبر عنها بالكلمات – عبر الكتابة أو تسجيل اليوميات، التحدث بشكل مسموع، أو التحدث إلى معالج نفسي.

 

  • هل هي مؤقتة، نتيجة انتهاء علاقة ربما، أو الانتقال إلى مكان جديد؟
  • أو أنها تضرب في العمق. هل كنت وحيدا وأنت طفل – ما هي الذكريات التي تمر بذهنك؟
  • هل يمكن أن تكون وحدتك الآن تخدمك بطريقة ما؟ هل هي حل وسط لطيف ربما، بديل أخف للاحتمالات المخيفة للحب والكراهية؟
  • هل تجعلك في مأمن، أو تروح عنك نظرتك السلبية لنفسك، للآخرين، والعالم؟
  • ما هي نظرياتك؟ (ربما لم تحصل على ما يكفي من الحب عندما كنت صغيرا وتعلمت الانسحاب إلى عالمك الخاص. أو في مرحلة ما، جاءتك فكرة أنك ممل، غير قابل للحب، معيب أو سيء. أو مررت بتجربة سيئة تركتك خائفا من أن تتعرض للرفض، للسخرية أو للأذى).

 

أصغ لما تعلمك إياه وحدتك. طور نوعا من الأجوبة لسؤال ‘لم أنا وحيد؟’

 

مع لمحة عن ‘ماذا‘ و ‘لماذا‘، حان الوقت للتطرق ل’كيف‘ الخاص بوحدتك.

 

  • كيف تخلق شعورك بالوحدة؟
  • ما هي ميولاتك؟ هل أنت متكبر جدا، أو خائف جدا، لقول ‘مرحبا’؟
  • هل تجد عيوبا في الآخرين حتى تقول لنفسك أنك بأفضل حال وحدك؟
  • هل نظمت حياتك بطريقة تقلل فيها فرصك للتواصل؟ (هذه التصرفات ‘التجنبية’ تسمى “عوامل المحافظة.” بتجنب الشيء الذي تخاف منه، الخوف – وذاك الشيء- فقط تزداد).

 

وخذ وقتا لملاحظة كيف تقيس تفاعلاتك الاجتماعية. على سبيل المثال، إذا تحدثت لأحدهم ولم يبد أي اهتمام، قد تظن ربما أنه شخص فظ، وتذهب في حال سبيلك. أو قد تظن أن السبب هو خجله الشديد، أو انشغاله بمشاكله الخاصة، والذي يدعو للتعاطف.غير أن الأشخاص الوحيدين، من المرجح أن يأخذوا هذه الأجوبة على أنها رفض شخصي – “إنهم لا يحبونني.” الوحيدون شديدو الانتباه، تقريبا يتوقعون أن تتم إهانتهم/تهميشهم. يقرأون المواقف بشكل خاطئ ويتحملون اللوم والعار، مفعلين بذلك كل التوبيخ الذاتي القديم، الاكتئاب، والمزيد من الانسحاب.     

 

2. تعرف على نفسك

 

المشكل مع الوحدة أنها تتغذى على نفسها، مرسلة طاقة احتياج تقول : “أريدك أن تأخذ ألمي بعيدا، وتقوم بكل عملي من أجلي. أريدك أن تعرفني حتى لا أضطر أنا لمعرفة نفسي.”

 

زبونة قالت أنها أحيانا تشعر كأنها مصاصة دماء في موقف اجتماعي. الجوع يصد الآخرين، جاعلة بذلك الوحدة تستفحل، والجوع اقوى.

 

حان الوقت لوقف هذه الحلقة المفرغة. قد تكون انعزلت، وأغلقت على نفسك. اكتئابك يخدر ألم البقاء وحيدا؛ كذلك تفعل الكحول والمخدرات. أو ربما قد يحصل العكس معك. أنت في حالة تأهب عالية، تحاول الحصول على كل شيء، باستمرار تغير المنازل، الوظائف، وشركاء الحياة، والمساعي ذات الطاقة العالية. زبونة أخرى دائمة الانشغال تصف شعورها وكأنها باستمرار هاربة من سحابة كبيرة مظلمة.

 

كيفما كانت استراتيجيات التهرب من الذات التي تنهجها، حان الوقت لتتوقف، الآن، وتواجه نفسك.

 

  • من أنت، بأية حال؟
  • ما هي الحقائق والأسباب لصالحك وضدك؟
  • هل أنت سيء جدا بالفعل؟
  • هل يمكنك ترويض انتقادك الذاتي المدمر، تحديه وتلطيفه وتُطور بَدله  حُنوا على الذات وتعاطفا؟

 

by Ayo Ogunseinde on Unsplash

لا يهم من أنت أو ماذا فعلت، أنت تنتمي لهذا العالم. حياتك تستحق أن تعيشها بشكل كامل. تعال كما أنت – مثاليا في لامثاليتك.

 

كل هذا يحتاج للوقت – معرفة ذواتنا هو بالطبع رحلة تستمر مدى الحياة. لكن خلال الطريق، قد تجد أنك تعلمت تقدير ما يطلق عليه الشاعر الإنجليزي Wordsworth “نعمة العزلة”. مساء هادئ، لا يقاطعك فيه أحد – أو ربما أفضل من ذلك، نهاية أسبوع كاملة. طاولة لشخص واحد. غرفة منفردة في فندق. نزهة وحيدة على شاطئ البحر.

 

عندما تصبح متقبلا لسيناريوهات كهذه، عندما تصبح لوحدك لكنك لم تعد وحيدا – عندها فقط، بشكل متناقض ومعجز، يظهر الأشخاص في حياتك. تقبلك لذاتك يصبح مغناطيسا مذهلا.

 

3. تعرف على الآخرين

 

عندما تصبح على وفاق مع نفسك، فقد حان الوقت للظهور للآخرين مثلك. إذا كنت تعتقد أن مهاراتك الاجتماعية ضعيفة، تذكر أن كل المهارات يمكن تعلمها، وأنها تصبح أفضل مع الممارسة. حان الوقت للخروج للعالم والتواصل مع بشر آخرين.

 

by Ben Duchac on Unsplash

 

تواصلنا مع البدائل الخاصة بنا — حيوانات أليفة، دمى الحيوانات، أمسيات الراديو المتأخرة، المشاهير، الإله – ليس فيها مشكلة، لكننا نحتاج، هنا والآن، بشرا حقيقيين من لحم ودم. وكما هو الحال مع العديد من الأشياء، تتعلم كيف تقوم بها بالقيام بها.

 

جرب بدائل لأنماطك القديمة في التفكير والسلوك. خذ بعض المخاطر.

 

ستخطئ. لقاءاتك لن تصير بشكل جيد دوما. بعض الاشخاص سيخيبون ظنك، يحبطونك، يرفضونك. هذا كله عادي تماما. من الجيد أن تكون في اللعبة، تتعلم عن منخفضات ومرتفعات الحياة، على أن تسير على هامش الحياة.

 

ابدأ ببطء. إذا كنت لوحدك لمدة طويلة وفجأة وجدت نفسك في حفلة، قد تشعر كمتزحلق مبتدئ على منحدر وعر. الخوف قد ينسيك التزحلق مدى الحياة. ابدأ ببطء، بالمنحدرات الاجتماعية السهلة. خذ خطوات بسيطة، مع أشخاص موجودين مسبقا في عالمك.

 

تعود الحديث إلى الأشخاص الذين تقابلهم. قل شيئا للشخص المكلف بصندوق الدفع، أي شيء، لكن قله بابتسامة. تطوع؛ سجل على كورس؛ جرب مواقع اللقاءات، مواقع المواعدة، مواقع الأحداث الثقافية. ليس صعبا إيجاد الناس–هناك 7 ملايير منهم في الخارج.

 

مع كل شخص تلتقيه، ليس عليك أن تكون ساحرا، ذكيا أو مثيرا للاهتمام. عليك فقط أن تكون مرتاحا، سعيدا لتقديم بعض الطاقة الجيدة، غير مطالِب بشيء في المقابل.

 

تجربتك للوحدة قد تعطيك حساسية منفردة اتجاه وحدة الآخرين. الوحيدون غالبا ما يكونون مختبئين، على الهامش، لكنك تستطيع اكتشافهم. لذلك ردّ الصنيع: اذهب إليهم وامنحهم هدية طاقتك الجديدة الجيدة، والتي تبدو كالحب. عبر العطاء، ستأخذ؛ عبر الأخذ، أعط. نقيض الوحدة سيزهر أينما حللت وارتحلت.



المصدر: Harley Therapy

الصورة: by Bryan Minear on Unsplash